تعوذوا بالله من فتنة العابد الجاهل ومن فتنة العالم
٤ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ ثَنَا أَبُو بَكْرٍ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ قَالَ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ الْبَلْخِيُّ قَالَ أَنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ سَمِعْتُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ يَقُولُ: كَانَ يُقَالُ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ فِتْنَةِ الْعَابِدِ الْجَاهِلِ وَمِنْ فِتْنَةِ الْعَالِمِ الْفَاجِرِ فَإِنَّ فِتْنَتَهُمَا فِتْنَةٌ لِكُلِّ مَفْتُونٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ فَإِنْ قَالَ مِنْهُمْ قَائِلٌ فَقَدْ أُبِيحَ لَنَا الْكَلامُ فِي الطَّوَافِ.
قِيلَ لَهُ قَالَ النَّبِي صلى الله عيه وَسَلَّمَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ صَلاةٌ إِلا أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَبَاحَكُمْ فِيهِ الْكَلامَ فَمَنْ نَطَقَ فَلا يَنْطِقْ إِلا بِخَيْرٍ.
وَقِيلَ لَهُ مِنَ الْخَيْرِ أَنْ يُسَلِّمَ الرَّجُلُ عَلَى الرَّجُلِ وَيَسْأَلَهُ عَنْ حَالِهِ وَأَهْلِهِ أَوْ يَأْمُرَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ بِمَعْرُوفٍ أَوْ يَنْهَاهُ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ أَشْبَاهُ ذَلِكَ مِمَّا يَعْلَمُهُ مَا قَدْ جَهِلَهُ فِي طَوَافِهِ ثُمَّ هُوَ بَعْدَ ذَلِكَ مُقْبِلٌ عَلَى الله عز وَجل فِي طَوَافه يَطْلُبُ فَضْلَ مَوْلاهُ وَيَعْتَذِرُ إِلَيْهِ فَمَنْ كَانَ بِهَذَا الْوَصْفِ رَجَوْتُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُبَاهِي بِالطَّائِفِينَ وَمِمَّنْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ لَمْ يَرْفَعْ قَدَمًا وَلَمْ يَضَعْ أُخْرَى إِلا كَتَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ بِهَا حَسَنَةً وَحَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً وَرَفَعَ لَهُ بِهَا دَرَجَةً هَذَا رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ قَالَ ابْنُ عُمَرَ وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ مَنْ أَحْصَى أسبوعا كَانَ كعتق رَقَبَة وَمِمَّنْ قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ أُسْبُوعًا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ كَانَ لَهُ كَعِدْلِ عِتْقِ رَقَبَةٍ.
قَالَ مُحَمَّد بن الْحسن فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ هَؤُلاءِ خَشَعَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الْكَرِيمِ فِي طَوَافِهِ وَكَانَ شُغْلُهُ بِقَلْبِهِ وَبِلِسَانِهِ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ مُتَّصِلٌ وَعَنْ غَيْرِهِ مِنَ الْمَخْلُوقِينَ مُنْفَصِلٌ يَمْشِي بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ دَائِمَ الذِّكْرِ طَوِيلَ الْفِكْرِ تَارَةً يَحْذَرُ وَتَارَةً يَرْجُو إِنْ قَالَ فِيمَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وقنا عَذَاب النَّار} قَالَهُ بِحُضُورِ فَهْمٍ وَتَذَلُّلٍ وَافْتِقَارٍ فَمَنْ كَانَ فِي طَوَافِهِ بِهَذَا الْوَصْفِ رَجَوْتُ أَنْ يُجِيبَ الله الْكَرِيم دَعْوَتَهُ وَيَرْحَمَ عَبْرَتَهُ وَيُبَاهِيَ بِهِ مَلائِكَتَهُ وَتُؤَمِّنَ الْمَلائِكَةُ عَلَى دُعَائِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.