كانوا يطوفون بالبيت خاشعين ذاكرين كأن على رؤوسهم الطير وقع يستبين لمن رآهم أنهم في نسك وعبادة

٥ - أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ ثَنَا أَبُو سعيد الْمفضل ابْن مُحَمَّد الجندي فِي مَسْجِد الْحَرَامِ قَالَ ثَنَا صَامِتُ بْنُ مُعَاذٍ قَالَ ثَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ يَعْنِي ابْنَ أَبِي رَوَّادٍ.
قَالَ كَانُوا يَطُوفُونَ بِالْبَيْتِ خَاشِعِينَ ذَاكِرِينَ كَأَنَّ على رؤوسهم الطَّيْرَ وَقَعَ يَسْتَبِينُ لِمَنْ رَآهُمْ أَنَّهُمْ فِي نُسُكٍ وَعِبَادَةٍ.
قَالَ أَبِي وَكَانَ طَاوُسٌ مِمَّنْ يُرَى فِي ذَلِكَ النَّعْتِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ وَمَنْ كَانَ فِي طَوَافِهِ بِغَيْرِ هَذَا النَّعْت ساهي الْقلب مَشْغُول بِذكر الدُّنْيَا مقبل على من يحادثه مصغي إِلَيْهِ قَدْ آثَرَ مُحَادَثَةَ الْمَخْلُوقِ عَلَى ذِكْرِ الْخَالِقِ إِذَا طَافَ فَبِغَيْرِ تَمْيِيزٍ وَإِنْ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَبِغَيْرِ تَدَبُّرٍ قَدْ غَلَبَ عَلَى قَلْبِهِ وَلِسَانِهِ الْخَوْضُ فِيمَا لَا يَعْنِي ساهي غافل لاهي جِسْمُهُ حَاضِرٌ وَقَلْبُهُ غَائِبٌ وَلَعَلَّهُ يَرْضَى مُحَادَثَةً بِغِيبَةِ النَّاسِ وَالْوَقِيعَةِ فِي أَعْرَاضِهِمْ فَمِثْلُ هَذَا هُوَ إِلَى الْخُسْرَانِ أَقْرَبُ مِنْهُ إِلَى الإِرْبَاحِ لَعَلَّ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَضِجُّ مِنْهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلَعَلَّ الْمَلائِكَةَ تَتَأَذَّى بِهِ وَكَثِيرٌ مِنَ الطَّائِفِينَ يَتَبَرَّمُونَ بِهِ فَقَدِ اكْتَسَبَ مَنْ هَذَا نَعْتُهُ ذُنُوبًا وَجَبَ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ مِنْهَا.
وَرُوِيَ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ حَجَجْتُ مَعَ ابْنِ عُمَرَ فَالْتَقَيْنَا فِي الطَّوَافِ فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ ثُمَّ خَطَبْتُ إِلَيْهِ ابْنَتَهُ فَمَا رَدَّ عَلَيَّ جَوَابًا فَغَمَّنِي ذَلِكَ وَقُلْتُ فِي نَفْسِي لم يرضني لابنته فَلَمَّا قدمنَا الْمَدِينَةِ جِئْتُهُ مُسَلِّمًا فَقَالَ لِي مَا فَعَلْتَ فِيمَا كُنْتَ أَلْقَيْتَهُ إِلَيَّ فَقُلْتُ لَمْ تَرُدَّ على جَوَاب فَظَنَنْتُ أَنَّكَ لَمْ تَرْضَنِي لابْنَتِكَ قَالَ تَخْطُبُ إِلَيّ فِي مثل ذَلِك الْموضع وَنحن نترآى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ قَالَ بَلَى قَدْ رَضِيتُكَ فَزَوَّجَنِي.
ئەثەری دواتر ئەثەری پێشووتر