ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار، إلا واحدة
٩٤ - واعلم أن رسول الله ﷺ قال: {ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار، إلا واحدة، وهي الجماعة، قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: ما أنا عليه اليوم وأصحابي}.
وهكذا كان الدين إلى خلافة عمر بن الخطاب الجماعة كلها، وهكذا كان في زمن عثمان، فلما قتل عثمان [رضي الله عنه]، جاء الاختلاف والبدع، وصار الناس أحزابا وصاروا فرقا، فمن الناس من ثبت على الحق عند أول التغيير وقال به وعمل به، ودعا الناس إليه.
فكان الأمر مستقيما حتى كانت الطبقة الرابعة في خلافة بني فلان انقلب الزمان، وتغير الناس جدا، وفشت البدع، وكثر الدعاة إلى غير سبيل الحق والجماعة، ووقعت المحن في كل شيء، لم يتكلم به رسول الله ﷺ، ولا أصحابه، ودعوا إلى الفرقة - ونهى رسول الله ﷺ عن الفرقة - وكفر بعضهم بعضا، وكل دعا إلى رأيه وإلى تكفير من خالفه فضل الجهال والرعاع، ومن لا علم له، وأطمعوا الناس في شيء من أمر الدنيا، وخوفوهم عقاب الدنيا، فاتبعهم الخلق على خوف في دنياهم ورغبة في دنياهم، فصارت السنة وأهلها مكتومين، وظهرت البدع وفشت، وكفروا من حيث لا يعلمون من وجوه شتى، ووضعوا القياس، وحملوا قدرة الرب، وآياته، وأحكامه، وأمره، ونهيه على عقولهم وآرائهم، فما وافق عقولهم قبلوه، وما لم يوافق عقولهم ردوه، فصار الإسلام غريبا، والسنة غريبة، وأهل السنة غرباء في جوف ديارهم.